
اللاعنف، إن العنف لا شك أنه يعمل على قتل العواطف الإنسانية وهدم الكرامة
والحرية الأمر الذي يتوجب غرس ثقافة اللاعنف في داخل النفس البشرية التي تعني استرداد الحقوق والدفاع عن النفس بوسائل سلمية.
ويجسد اللاعنف أهم وسيلة من وسائل استعادة الحقوق،
وقد يضاهي كل الأسلحة بفاعليته وقوته، لأن من أهم سماته احترام الآخر، والحفاظ على كرامته وتحقيق العدالة.
جذور اللاعنف
يقدم التاريخ أمثلة متعددة حول دور اللاعنف وآثاره الإيجابية.
إن النصر الناتج عن العنف هو مساوٍ للهزيمة، إذ إنه سريع الانقضاء.
ولعلّ الحركة الغاندية في الهند من أبرز الأمثلة في التاريخ على نجاح اللاعنف،
إذ سعت إلى السلام والعدالة وساهمت في إحداث تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية،
بالإضافة إلى حركة الإصلاح واللاعنف التي قادها مارتن لوثر كينغ والتي سعت إلى الحرية والمساواة والقضاء على التمييز العنصري وإزالة العقبات وصولاً إلى العدالة والمساواة.
إن عملية التواصل غير العنيف الآن ملاذ قيم للمجتمعات التي تواجه صراعات عنيفة وتوترات عرقية أو دينية أو سياسية.
أساليب اللاعنف
يمتلك اللاعنف أساليب خاصة به كالتفكير العقلاني كما يستفيد من تقنيات المعلوماتية الحديثة ووسائل الإعلام.
ويبقى أثر اللاعنف أقوى بكثير من كل قوى التهديد والعنف،
إذ يستخدم وسائل الإقناع لا الإرغام في عمله،
فاللاعنف هو أحد أنواع القوة التي تقوم على المحبة وهي الأكثر فاعلية واستمرارية.
ومن جانب آخر؛ إن اللغة والحوار من أهم أساليب اللاعنف لأنهما وسيلة التفاعل والتواصل بين الأفراد،
ويهدفان إلى قبول الاختلاف وتعددية الآراء.
يبقى اللاعنف مصدر انبثاق الإرادة في التغيير،
تغيير الفرد لوضعه في الوجود، ولقراراته الخاصة،
ويجب الاهتمام به كمصدر أخلاقي للحفاظ على كرامة الفرد وحريته،
الأمر الذي يتطلب من كل فرد أن يحمل المسؤولية في بدء السلام بدلاً من لوم الآخر وإلقاء التهمة عليـه فـي مبادرة الشر.
دور التربية في بناء ثقافة اللاعنف
تلعب التربية دوراً إيجابياً في تكريس ثقافة السلام واللاعنف من خلال تعليم الأطفال ممارسته
والابتعاد عن مقابلة العنف بالعنف وخاصة في مراحل الطفولة المبكرة،
ويمكن للأطفال أن يلمسوا آثار السلوك اللاعنفي في الحد من النزاعات الصفية في المدرسة
من خلال إرساء مفاهيم المحبة والتعاون بين الطلاب وتمثل المفاهيم المرتبطة بالسلام والحوار وحقوق الإنسان،
والاعتراف بالاختلافات وقبولها من أجل إقامة علاقات بناءة غير قمعية مع الآخرين.
وتذكر أن التربية لا ترتكز على تعليم أفعال فحسب،
بل على إظهار مدى أهمية إلغاء العنف على وجه الخصوص.
هل التسامح له نفس المعنى الخاص باللاعنف؟
يعني التسامح فلسفياً الاحترام الودي لمعتقدات الآخرين،
وفي معنى آخر التسامح لا يقــوم على التخلي عن الآراء والقناعات إنما على منع كل الوسائل العنيفة التي تؤدي إلى فرض تلك الآراء
ويؤدي التسامح دورا مركزيا في المجتمعات،
لأنه يستند إلى أسس تسمح بالتعايش، وهـو يعبر عن الاحترام المتبادل رغم الفوارق العميقة بين الأفراد.
ينطوي التسامح على ثقافة متكاملة تشمل العديد من الأبعاد التي تستهدف،
في محاولة الكشف عن المضامين الإنسانية والعفو والتفاهم من أجل السلام.
كذلك لا يحمل مصطلح التسامح المعنى نفسه بالنسبة لكل المجتمعات البشرية،
وهذا لنشأته المرتبطة بسياقات ثقافية مختلفة وظروف تاريخية متباينة.
وقد تعرض لتقلبات عدة،
شمل مجمل ميادين النشاط الإنساني،
مما أدى إلى دلالات جديدة فرضتها الممارسات والأهداف والغايات المختلفة.
ثمة معان ودلالات متعددة للتسامح،
فهناك من يرى أنه يعني تعايش المختلفين في المعتقد أو الأفكار أو السلوك وقبولهم لبعضهم بعضاً،
وهناك من يعني عنده اللامبالاة بـمـا يقـوم بـه الآخرون حيث نتجاهل تصرف من أساء إلينا.
هنا من الضروري الإشارة إلى أهمية الترابط بين التسامح والحرية،
إضافة إلـى مـا يحملـه التسامح مـن بعـد غـيـري تبادلي
يتم فيه استحضار الآخر مما يعطي للمفهوم محتوى قيمياً أخلاقياً منه
تتداخل في التسامح وتتقاطع الفلسفة والأخلاق والحقوق بصفتها الكونية.