
كيف نحقق التنمية؟
التنمية في الوطن العربي كي نناقشها لابد أولاً أن نناقش أسباب تخلفه.
ترجع بعض التحليلات أحد أسباب التخلف الذي يعاني منه العالم العربي
إلى عدم مواكبة التطوّرات التكنولوجية الحديثة في مختلف المجالات واتساع ما يسمّى بـ: (الفجوة التكنولوجية) بين العالم الغربي والعالم العربي.
إنّ المستقبل الاقتصادي للبلدان العربية ورفاهية شعوبها يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بتطوير القوى الإنتاجية والخروج من حالة الركود والتخلف التكنولوجي،
وتحقيق التنمية التي تُعدّ قضية متكاملة تعتمد على التخطيط الشامل،
كما تتطلب تعبئة كلّ وسائل الإنتاج الوطنية، وتطوير الصناعة،
والاهتمام بالجهد والعمل البشري بالدرجة الأولى.
ومع هجرة أعداد كبيرة من العمال الفنيين وغير الفنيين،
إلى دول النفط نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الطاردة في البلدان المصدّرة للعمالة
كما أُهملت تنمية الموارد البشرية الوطنية، والتنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق بالوكالة.
أمثلة على الفجوات التكنولوجية بين العالم العربي والعالم الغربي
الفجوة الإلكترونية:
كما تسمى بالفجوة الرقمية أيضاً،
مصطلح حديث ظهر في علم الحاسوب وعلوم الاجتماع مع الانتشار الواسع للتجارة إلكترونية والحكومة الإلكترونية،
يشير إلى الفجوة بين الذين بمقدورهم استخدام الإنترنت بسبب امتلاكهم المهارة اللازمة والقدرة المادية،
وبين الذين لا يستطيعون استخدام الإنترنت.
وهذه الفجوة تتضح جلية للغاية في العالم العربي.
الاحتلال الإلكتروني:
تعمل شركات الإعلام العملاقة على صنع عالم جديد بقيم سياسية واجتماعية جديدة
فالشابكة سمحت باختراق خصوصيّة الأفراد والشركات الإعلاميّة الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا
تمتلك الإمكانات والقدرات لتغيّر أو تلغي القيم والعادات الثقافية التراثية،
بوساطة الغزو الثقافي الإلكتروني الذي حلّ محلّ أنواع الاحتلال القديم.
مشروع مبدأ إيزنهاور:
نسبة إلى دوايت أيزنهاور عام ١٩٥٧م هدف إلى حلول أمريكا لملء الفراغ في الشرق بدلاً من إنجلترا وفرنسا
وتضمن هذا المشروع: أنه بمقدور أي بلد أن يطلب المساعدة الاقتصادية الأمريكية أو العون من القوات المسلحة الأمريكية
إذا ما تعرضت للتهديد من دولة أخرى، خاصة التهديد السوفيتي.
الحرب على الإرهاب:
مصطلح اطلقته إدارة جورج بوش الابن بعد أحداث ۱۱ أيلول عام ۲۰۰۱م
ليصبح ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية في جميع أنحاء العالم بحجة محاربة الإرهاب.
مثال يمكن للدول العربية الاستفادة لتحقيق التنمية بالاقتداء به (ألمانيا)
بعد خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية (۱۹۳۹- (١٩٤٥م)
كانت المدن والبنى التحتية مدمرة بالكامل، وغياب تام للحكومة،
فبدأت النساء والشيوخ بجمع الأنقاض،
والكتابة على بقايا الجدران المحطمة شعارات تبث الأمل وتحث على العمل
مثل: لا تنتظر حقك،
أفعل ما تستطيع،
أزرع الأمل قبل القمح،
فكانت الأعوام (١٩٤٥-١٩٥٥م) مرحلة تغير صورة ألمانيا وإعادة بناء البيوت بالأمل والإيمان،
وأعوام (١٩٥٥- ١٩٦٥م) مرحلة بناء المصانع وأعوام (١٩٦٥-١٩٧٥م)
مرحلة ظهور رؤوس الأموال ورجال الأعمال،
إذ تكفل كل رجل أعمال بخمسين شاباً يدربهم ويعلمهم،
لتتوحد ألمانيا في عام 1990.
وتصبح أقوى اقتصاد أوروبي وعالمي.
هل يمكن أن يكون للنفط العربي دوراً في تحقيق التنمية؟
كان للنفط الأثر الأكبر في تشكيل معالم الخريطة الاقتصادية للمنطقة العربية،
وظهور نوع جديد من العلاقات الإقليمية النفطية،
وربط مشكلات التنمية العربيّة ربطاً وثيقاً بالتطورات الاقتصادية العالمية،
فارتبطت معظم اقتصاديات دول الخليج العربي باقتصاد الدول الرأسمالية المستوردة للنفط،
إذ ظلّ قطاع النفط في الأقطار العربية النفطية حتى منتصف الخمسينيات من القرن العشرين
يغلب عليه طابع «الجزيرة الاقتصادية المنعزلة»
منقطعة الصلة بغيرها من قطاعات الإنتاج المحليّة،
فالثروة النفطية تدخل ضمن إطار النمو وليس التنمية،
ومع زيادة العوائد النفطية وتوافر رؤوس الأموال
زاد استيراد الدّول النفطية للتكنولوجيا الجاهزة من الخارج بشكل هائل،
كما ترافق ذلك بنشوء ظاهرة تصدير رأس المال،
وتحوّل اقتصاد المنطقة العربيّة لاقتصاد مستهلك غير منتج.